الحمد لله ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على أشرف الأنبياء و المرسلين و على آله و صحبه أجمعين و بعد :
فلا شك أن اللسان عند أي حضارة أو أي دولة هو معيار من معايير قوّتها، و لهذا سعت الأمم على نشر لسانها وتوسيع رقعة المتكلمين به؛ومفهوم اللسان هو (اللغة) وهي وسيلة التواصل بين الناس، ولهذا أطلقت العرب كلمة اللسان على النطق و الكتابة وهما مهيعان قديمان في التبليغ والتفهيم.
و لقد عانت الأمة الإسلامية من الاحتلال الاستدماري الذي جر معه الرطانة والعجمة غارسا جذورها ومستحكما غرسها في أرض العرب منهم خاصة، وسعى الغاشم جاهدا للقضاء على الشخصية الإسلامية العربية ، قاطعا أشجار لغتها وهاشما كلأ نسبها ومفسدا – ولا يزال - لتربة دينها.
مع كل هذا فقد رضي الكثير بثقافة أولئك، حتى فقدت اللغة مكانتها في قلوب هؤلاء قبل أن تفقدها في ألسنتهم، وأصبح الواحد منهم يستحي أن يتكلم بالعربية إن كان يعرف منها شيئا ،(ولا تزال الجزائر تتخبط في بحران من الاضطراب بين الحرف العربي والحرف اللاتيني بل بين العربية نفسها والفرنسية التي لا تزال تأوي إلى أنصار كبار وكثار من أبناء المسلمين الذين يرفضون العودة إلى لغة القرآن في الجزائر والمغرب ويتشبثون بتلابيب اللغة الغازية على اعتبار أنها بنظرهم الأداة الوحيدة لاستمرار اتصالهم بالحضارة) ( 1)، ورب متكلم بلغة القرآن بينهم قد ضحكوا عليه واستهزؤوا به ونسبوه إلى الرجعية والتأخر و إلى الله المشتكى.
لقد تكالب المستعمرون على أرض الجزائر منذ قديم الزمان لما حباها الله تعالى من النعم و الخيرات إلى جانب كونها مرتعا للإسلام، فسعى كل مدمر إلى تعزيز لغته وتقرير عقيدته، فأنتج هذا السفاح اللساني لغة ممزوجة تدرجت شيئا فشيئا إلى ما هو مسموع في زماننا الحاضر.
ولهذا كان لسان المواطن الجزائري يحمل من الكلمات ما يوافق لغة مستعمره من الايطالي والاسباني والتركي والفرنساوي ولكن (العربية في القطر الجزائري ليست غريبة ولا دخيلة ، بل هي دارها، وبين حماتها وأنصارها، وهي ممتدة الجذور مع الماضي لأنها دخلت هذا الوطن مع الإسلام على ألسنة الفاتحين) ( 2)وهي لا تزال تجري على ألسنة الناس من حيث لا يشعرون.
والذي جرني إلى الكتابة في هذا الموضوع أني قابلت يوما رجلا من أهل المشرق فذكر لي مدى صعوبة فهمه الدارجة الجزائرية التي ظن أنها مستمدة من اللهجات البربرية ، فأخبرته بخلاف ما كان يعتقد وبينت له أن الكثير من كلمات الدارجة الجزائرية هي لسان العرب الأقحاح، وقمت أضرب له الأمثلة وأبين له مدى ترابطها بالمعاني المستعملة، حتى راودتني فكرة محاولة جمع أكثر هذه الكلمات فكانت شرارة البدء فاستعنت بالله تعالى.
وكانت الخطة جمع الكلمات والنظر في المدلول اللغوي لدى البعض منها وإلا هناك ما لا يحتاج إلى بحث فهي واضحة لكل عربي.
رجعت إلى الكتب المعتمدة بشرط التطابق بين المعنيين الدارج واللغوي واكتفيت بذكر كتاب واحد نص على المعنى المستعمل عندنا.
وختاما أساله سبحانه أن يردنا إلى ديننا ردا جميلا و يوفقنا على الحفاظ على مقوماتنا وشخصيتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين
آل شطارة الجزائري
المدينة النبوية.
1- الخَرَّاطُ : الكَذَّابُ وَقَدْ خَرَطَ خَرْطاً وهُو مَجَازٌ (تاج العروس مادة خرط ).
2- القُماقِمُ : القُماقِمُ من الرجال السيّد الكثير الخير الواسع الفضل ويقال سيد قُماقِمٌ بالضم لكثرة خيره (لسان العرب مادة قمم ) .
3- الزَّنَقةُ : السِّكَّة الضيّقة . ( لسان العرب مادة زنق )
4- القُفّة : من الخوص قال الأَزهري ورأَيت الأَعراب يقولون القُفعة (القُفّة) ويجعلون لها معاليق يُعَلّقونها بها من آخرة الرحل يلقي الراكب فيها زاده وتمره وهي مُدوَّرة . ( لسان العرب مادة قفف )
5- القُرعة : الجرابُ الصغير، وجمعها قُرَعٌ بضمٍّ ففَتحٍ ( تهذيب اللغة للأزهري )
ولعلها والله أعلم أطلقت على القروع كصَبُورٍ : الرَّكِيَّة ُ(بفتح أوله وكسر ثانيه، جمع ركايا وركي، البئر ذات الماء ) القليلةُ الماء قاله الفَرّاء أي التي يَقْرَعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها وقيل : هي التي تُحفَرُ في الجبلِ من أعلاها إلى أسفلِها.( تاج العروس مادة قرع ) .
أو لأنه يسمع صوت عندما تُقرع .
6- قرفع : تَقَرْعَفَ الرجلُ واقْرَعَفَّ وتَقَرْفَعَ تَقَبَّضَ (لسان العرب مادة قرفع ) .
وتستعمل هذه اللفظة في الدارجة دليلا على شدة الضربة يقال : فلان (قرفعو ) أي ضربه ضربة شديدة ولعل العلاقة بين المعنى العامي واللغوي أن شدة الضربة جعلته ينقبض من الوجع أو نحو ذلك.
7- الهبل : الهَبَل : الثُّكل هَبِلَته أُمُّه : ثكِلَتْه... وفي حديث أُمِّ حارثة بن سراقة كما في البخاري أنها أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ لَهَا هَبِلْتِ أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى . "هو بفتح الهاء وكسر الباء وقد استعاره ههنا لفَقْد المَيْز والعَقْل مما أَصابها من الثَّكَل بولدِها كأَنه قال : أَفَقدْت عَقْلك بفقد ابنك حتى جعلت الجِنان جنَّة واحدة" ( لسان العرب مادة هبل ) .
الأهبل فاقد التمييز والجمع هبل ومصدره الهبالة ( تاج العروس فصل الهاء مع اللام ) .
8- الهرج : ويطلق الناس عندنا اسم الهراج ويقصدون به الاختلاط مع الصخب و الضجيج و هو موافق للمعنى المذكور في كون الهرج" الاختلاط يقال هَرَجَ الناس يَهْرِجُون بالكسر هَرْجاً من الاختلاط أَي اختلطوا"( اللسان مادة هرج ),
9- الفتات : الفُتاتُ ما تَفَتَّت وفُتاتُ الشيء ما تكسر منه ( لسان العرب مادة فتة )
10- قح : القُحُّ الخالص من اللُّؤْم والكَرَم ومن كل شيء يقال لَئيم قُحٌّ إِذا كان مغرقا في اللؤم وأَعرابي قُحٌّ وقُحاحٌ أَي مَحْضُ خالص0 ( لسان العرب مادة قحح )
11- بهل : وتطلق عندنا لمن يهمل حاجته ويضيع مصالحه لأن " البهل هو الشيء الحقير اليسير و البهل هو الضَّلال من بهلَلِ، مأخوذ من الإبهال: وهو الإهمال ". ( تهذيب اللغة للأزهري مادة بهل )
12- زيّر : بتشديد الياء وهو شد الشيء وإحكام شده يقال "زَيَّرَ الدابةَ جعل الزِّيارَ في حَنكِها و الزِّيارُ شيء يجعل في فم الدابة إِذا استصعبت لَتَنْقادَ وتَذِلَّ ( لسان العرب مادة زير ) .
13- فريتها : أو فراها وهي تطلق عندنا إذا عمل الرجل عملا فأتمه وأصل اشتقاقها من فرى يفري "والعرب تقول تركته يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا عَمِلَ العَمل أَو السَّقْي فأَجاد "(لسان العرب مادة فرا)
14- ادّنّا : بتشديد الدال والنون والمراد عندنا اقترب وهي عربية حرفت عند النطق فقط و إلا أصلها ادنه من الدنو و هو الاقتراب.
15- روح : ورايح و المراد بها اذهب من الذهاب .
16- ميضأة : وتنطق عندنا الميضاه ويريدون بذلك بيت الوضوء أو محل الوضوء ولها وجهة من معناها اللغوي الذي هو : مِطْهَرةٌ وهي التي يُتَوَضَّأُ منها أَو فيها (لسان العرب مادة وضأ) وانظر صحيح الإمام مسلم (681).
17- لا باس :بتسهيل الهمز ومعناها إذا سئل كيف حالك يقول لا باس .
18- باين : بتسهيل الهمز، ومعناها ظاهر.
19- يستاهل :بتسهيل الهمز قال الأزهري وخطَّأَ بعضُهم قولَ من يقول فلان يَسْتأْهِل أَن يُكْرَم أَو يُهان بمعنى يَسْتحق قال ولا يكون الاستِئهال إِلاَّ من الإِهالة قال وأَما أَنا فلا أُنكره ولا أُخَطِّئُ من قاله لأَني سمعت أَعرابيّاً فَصِيحاً من بني أَسد يقول لرجل شكر. عنده يَداً أُولِيَها تَسْتَأْهِل يا أَبا حازم ما أُولِيتَ وحضر ذلك جماعة من الأَعراب فما أَنكروا قوله ( لسان العرب مادة أهل ).
20- ملهوف : وتطلق عندنا ومرادهم النهم في الأكل مع أن الملهوف في اللغة من لهف لهفا فهو لهفان وقد لُهف فهو ملهوف أي حزين قد ذهب له مال أو فجع بحميم... وملهوف أيضا معناه محترق القلب (تهذيب اللغة مادة لهف) والمعنى الأخير و الله اعلم هو المراد عندنا حيث إن الآكل قد احترق قلبه للأكل فصار يبتلعه بنهمة وشَرَه.
21- طاح : ويطيح وتطلق عندنا والمراد السقوط يقال : طاح الكأس أي سقط وهو احد معانيها يقال : طاحَ يَطُوحُ ويَطِيحُ طَوْحاً أَشرف على الهلاك وقيل هلك وسقط (لسان العرب مادة طوح)
22- فجّر : يقال عندنا تفجّر وفجّره ، ومرادهم الشجّ أي ما كان من الجروح في الرأس وهو خروج الدم وسيلانه وهذا أحد معاني الكلمة في اللغة يقال : انْفَجَر الماءُ والدمُ ونحوهما من السيّال وتَفَجَّرَ انبعث سائلاً ( لسان العرب مادة فجر).
23- تمسخر : وهي من السخرية يقال فلان تمسخر به أي سخر.
24- دوّر : من دار الشيء يدور دورا ودورانا ( لسان العرب مادة دور).
25- ولّي : يقال عندنا مثلا ولّي للدار أي ارجع للدار وهي من ولّى يولّي يقال ولّى الشيء إذا أدبر ( لسان العرب مادة ولي).
26- حاشا : وهو نفس المعنى اللغوي المراد بها الاستثناء يقال عندنا حاشا الصالحين أي ما عداهم.
27- بالاك : يقال عندنا بالاك أي انتبه وهي من البال حتى يعود الغافل إلى باله وهي نفسها بالك.
28- الحبس : والمراد السجن والمراد بالحبس ضد التخلية ( لسان العرب مادة حبس).
29- عفس : يقال اعفس عليه وهي كلمة عربية المراد بها الدوس بالرجل (لسان العرب مادة عفس).
30- عفسة : ويقال عندنا إذا أراد الواحد أن يأتي بشيء أو استصعب أمر "عندي عفسه " ولعل المراد و الله تعالى أعلم أنه يعالج الشيء فيحل ما استصعب منه لأن العين والفاء والسين أصل صحيح يدلُّ على ممارسَة ومعالَجة. يقولون: هو يعافس الشّيء إذا عالَجَه
( معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة عفس ).
31- الفورنُ : وهو ما يطبخ فيه وهو متصحف من فرن هو التنور.
32- الموس : وهو ما يقطع به وهي الموسى قال الليث المَوْس تأْسيس اسم المُوسَى الذي يحلق به ( لسان العرب مادة موس).
33- الحفّاف : وهو الحلاق وقال الليث: احتفت المرأة إذا أمرت من يحف شعر وجهها نتفاً بخيطين. وحفت المرأة وجهها تحفه حفاً وحفافاً (تهذيب اللغة للأزهري مادة حف).
34- الدروج : وهو مصحف من دَرَج البناء وهو ما يرتقى به.
35- القصعة : وهي الجفنة وهي الصحفة وكل هذا في اللسان الجزائري وهو معروف.
36- المواعن : وهي مصحف من الماعون وهي ما يعار من أمور البيت التي تعارف الناس على إعارتها وقد ذكر في تفسير قوله تعالى "ويمنعون الماعون" عدة أشياء منهم من قال: الماعون المعروف كله، حتى ذكر القصعة والقِدْر والفأس ( تهذيب اللغة مادة منع).
37- لعقوبة : يقال عندنا لعقوبة ليك إذا حصل لأحدهم خير، والمراد و لك مثله ولعقوبة هي العاقبة.
38- يهدر : والمراد الكلام و كثرته يقال يهدر بزاف أي يتكلم كثيرا ولها معنا في اللغة روى أبو تراب للأصمعي: هدر الغلام وهدل: إذا صوت ( تهذيب اللغة مادة هدر).
39- ايليق : يقال مثلا هذا ايليق بك أي يناسبك و أنت أهل له وهي من لاق يليق يقال: ما يليق هذا الأمر بفلان أي ليس أهلاً أن ينسب إليه وهو من ذلك (لسان العرب مادة ليق).
40- جيت : والمراد الإتيان من المجيء جئت تجيء جاء .
41- نحي : يقال نحي الغطاء أي باعده وهي من العربية يقال: نَحَيْت عنى الشيء ونَحَوْته إذا نحَّيْته وأُنشد:
فلم يبق إلا أن ترى في مَحَلّةٍ ... رماداً نحتْ عنه السيول جنادِلُُه ( تهذيب اللغة مادة نحا).
42- واعر :يقال هذا الولد واعر الوُعُورَةِ ضدّ السَّهْل والمراد أنه ليس بالسهل يقال : جبل وعْر بالتسكين وواعر ( لسان العرب مادة وعر).
43- عيان : وهو التعب من عَيَّ بالأَمرِ عَيّاً وعَيِيَ وتَعايا واسْتَعْيا هذه عن الزجَّاجي وهو عَيٌّ وعَييٌ وعَيَّانُ عجز عنه ولم يُطِقْ إحْكامه؛ وعن أبي حاتم عن الأصمعي: عيي فلان - بياءين - بالأمر إذا عجز عنه، وتكلَّمت حتى عَيِيت عِيّا. وإذا " أراد العرب علاج شيء فعجزوا يقال: عيِيت ( لسان العرب مادة عيا) و ( تهذيب اللغة مادة عي).
44- مليح : ويقال كلام مليح ولعل والله تعالى أعلم كأن كلامه كالملح في الطعام لوقوعه في مكانه والعرب تقول: أَملحْتَ يافلانُ أي جئت بكلمةٍ مليحةٍ وكذلك مما له علاقة مما يقال عندنا عند التخاصم مثلا: لولا الملح الذي بيننا لكان كذا، ومرادهم أي اجتماعهما على طعام واحد والعرب تقول بين فلان وفلان ملح أي حرمة لاجتماعها في الرضاعة ولعل المراد عندنا أن الحرمة بينهما منعت من وقوع ما لا يحمد و الله أعلم ( تهذيب اللغة مادة ملح).
45- كاين : من الكون وهو الوجود أي هل الشيء موجود أي كائن.