بسم الله الرحمن الرحيم
هل كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ و يكتب في آخر حياته ؟
هل كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ و يكتب في آخر حياته ؟
الجواب :
سؤالكم عن مستند القول إنه صلى الله عليه و سلم في آخر حياته يقرأ و يكتب فمستنده عند القائل به مفهوم قوله تعالى : { و ما كنت تتلو من قبله من كتاب و لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون } ، فإن قوله من قبله قيد للنفي في قوله و ما كنت ، فيكون مفهومه الإثبات فيما بعد نزول القرآن عليه ، و كذلك استندوا إلى ما ثبت في صحيح البخاري (ج5ص303-الفتح) من حديث البراء ابن عازب في قصة صلح الحديبية أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لعلي بن أبي طالب : " أمح رسول الله ، قال : لا ، و الله لا أمحوك أبدا ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم الكتاب فكتب "إلى آخر القصة و رواه أيضا في باب عمرة القضاء (ج4ص499) قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم الكتاب و ليس يحسن يكتب فكتب و ذكر تمام القصة .
فهذه الآية و الحديث بروايتيه مستند هؤلاء ، قالوا و هذا لا ينافي أن يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم أميا فإنه من الأميين كما قال الله تعالى : { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة و إن كان من قبل لفي ضلال مبين }.
قالوا و المحذور الذي يخشى منه بكونه قارىء كاتب إنما يكون قبل الرسالة ، أما بعدها فقد ثبتت الرسالة و زال المحذور بمجيء هذا القرآن العظيم الذي لم يسبقه تلاوة لكتاب و لا كتابة بيمين ، قالوا و أما وصف النبي صلى الله عليه و سلم بكونه أميا فالمراد به قبل الرسالة لقوله { من قبله } في آية { و ما كنت تتلو من قبله من كتاب و لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون }. أو المراد أنه من الأميين كما سبق .
قالوا و أما اتخاذ النبي صلى الله عليه و سلم كتبة فهذا لا يمنع أن يكون هو كاتبا كما هو ظاهر ، فإن الإنسان قد يتخذ كتبة بين يديه و إن كان يعرف الكتابة .
و قد ذهب إلى القول بأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يكتب و يقرأ بعد نزول القرآن جماعة ، منهم أبو ذر الهروي ، و أبو الوليد الباجي و أبو الفتح النيسابوري و آخرون ، قال القرطبي (ج13ص353) : العقل لا يحيلها ، و ليس في الشريعة قاطع يحيلها .
وقد توسط قوم فقالوا إن النبي صلى الله عليه و سلم : كتب يوم الحديبية فقط من آيات الله تعالى أو إنه كان يكتب الشيء اليسير مثل اسمه و نحوه و هذا لا ينافي أن يكون أميا .هذا ما اطلعنا عليه من كلام أهل العلم و الله أعلم بحقيقة الحال.
انظر كتاب " إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار " للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.