سبيل النجاة من فتنة النساء
إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70*71].
أَمَّا بَعْدُ:
عباد الله إن فتن الحياة الدنيا كثيرة فمنها فتنة المال و فتنة الفقر و فتنة الغنى و فتنة الأولاد و فتنة الحرب و فتنة الإضطهاد و الإيداء و غير ذلك من أنواع الفتن ،
و لكن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء )) ما تركت بعدي فتنة في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : و في الحديث أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن ،
و يشهد له قول الله تعالى (( زين للناس حب الشهوات من النساء ))
فجعلهن من حب الشهوات و بدأ بهن قبل بقية الأنواع قبل الذهب و الفضة و الخيل المسومة و الأنعام و الحرث و قبل فتنة الأولاد قبل جميع الفتن بدأ الله بهن في الذكر حب الشهوات من النساء و مع أنها ناقصة العقل و الدين فإنها تحمل الرجال على تعاطي ما فيه نقص العقل و الدين
كشغلهم عن طلب أمور الدين و حملهم على التهالك على طلب الدنيا و ذلك أشد الفساد .
و عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( إن الدنيا حلوة خضرة و إن الله مستخلفكم فيها فينضر كيف تعملون فاتقوا الدنيا و اتقوا النساء ، اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ))
رواه مسلم و في رواية للإمام أحمد رحمه الله تعالى (( إن الدنيا خضرة حلوة فاتقوها و اتقوا النساء ))
ثم ذكر نسوة ثلاثة من بني إسرائيل إمرأتين طوليتين تعرفان و إمرأة قصيرة لا تعرف فاتخذت رجلين من خشب من تحت الثياب لتطول ، فاتخذت رجلين من خشب و صاغت خاتما فحشته من أطيب الطيب المسك و جعلت له غلفا فإذا مرت بالملأ أو بالمجلس قالت به ففتحته ففاحت ريحه هكذا تحايلت لتلفت نظر الرجال إليها ،
فاتقوا الدنيا و اتقوا النساء .
قال النووي رحمه الله : و معناه تجنبوا الإفتتان بها و بالنساء و تدخل في النساء الزوجات و غيرهن و أكثرهن فتنة الزوجات لدوام فتنتهن و إبتلاء أكثر الناس بهن .
و لذلك كان السلف رحمهم الله يحرصون على عدم الإفتتان فقد أرسل بعض الخلفاء إلى الفقهاء بجوائز فقبلوها ، و ردها الفضيل فقالت له امرأته ترد عشرة آلاف و ما عندنا قوت يومنا فقال مثلي و مثلكم كقوم لهم بقرة يحرثون عليها فلما هرمت ذبحوها و كذا أنتم أردتم ذبحي على كبر سني موتوا جوعا قبل أن تذبحوا فضيلا .
و من أسباب كون المرأة فتنة و من أسباب عظم الفتنة بها أمر مهم جدا ، تفسير للقضية ذكره النبي صلى الله عليه و سلم في قوله في الحديث الصحيح (( المرأة عورة ، كلها عورة )) لم يستثني وجها و لا كفين أمام الرجال ، المرأة عورة ، (( فإذا خرجت استشرفها الشيطان )) ،
فما معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم استشرفها الشيطان ،
ياعبد الله يا أيها المسلم فكر الآن في هذه الكلمة استشرفها الشيطان لتعلم من أين أوتينا .
قال المباركفوري رحمه الله تعالى : أي زينها في نظر الرجال و قيل أي نظر إليها ليغويها و يغوي بها ،
و الأصل في الإستشراف رفع البصر للنظر إلى الشيء و بسط الكف فوق الحاجب ، هذا هو الإستشراف .
و المعنى أن المرأة يستقبح خروجها و ظهورها فإذا خرجت أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها و يغوي غيرها بها ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة .
أو يريد بالشيطان شيطان الإنس من أهل الفسق ، سماه به على التشبيه ، إذا اذا الشيطان يرفع أنظار الرجال إلى المرأة ، و الشيطان يزين المرأة في أعين الناظرين ، فترى المرأة إذا خرجت إلى الشارع تمشي إرتفعت إليها أبصار الرجال ،
ذلك لأن الشيطان حريص على تزينها و على رفع الأبصار إليها و على رفع الأبصار إليها ، تلقائيا ، تجد الأبصار تتجه إلى المرأة من حين خروجها للشارع ، من حين بدوها للرجل يرتفع البصر إليها ، يستشرفها الشيطان ، يجعلها هدفا منصوبا ملفتا لينظر إليها الرجال ،
استشرفها الشيطان فهي وسيلته ، لإغواء الناس .
و لذلك كان السلف رحمهم الله يخافون على أنفسهم أشد الخوف من فتنة النساء مع عبادتهم و زهدهم و ورعهم كانوا يخافون على أنفسهم من النساء ، أكثر مما نخاف نحن على أنفسنا مع ضعفنا ، و لا مقارنة بيننا و بينهم .
و كان سعيد بن المسيب رحمه الله يقول و قد أتت عليه ثمانون سنة ، ثمانون سنة !! منها خمسون يصلي فيها الصبح بوضوء العشاء ، و هو قائم على قدميه يصلي كان يقول : ''ما شيء أخوف عندي علي من النساء ، و هو ابن ثمانين سنة يعبد الله تعالى يقوم الليالي يقول : ما شيء أخوف علي من النساء . ''و من أجل فتنة النساء اتخذ الشارع سائر الإجراءات الكفيلة بحماية الرجل من الوقوع في فتنة المرأة ، و قال النبي صلى الله عليه و سلم : (( إياكم و الدخول على النساء ، فقال رجل : يا رسول الله أ رأيت الحمو ، قال : الحمو الموت )) و هو قريب الزوج أخوه و سائر أقاربه فهو يشبه الموت في خطره ، فهو يؤدي إلى موت الدين ،
الدخول على النساء الأجنبيات ، فهو ربما يؤدي إلى الرجم و هو موت ، إذا زنى بها و هو محصن ، فقال الحمو الموت ، و قال لا تسافر المرأة إلا و معها ذو محرم ، ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ،
كل هذه الإجراءات لدرأ فتنة النساء . و النبي صلى الله عليه و سلم أطهر الناس مع الصحابة أفضل هذه الأمة كان يعمل سائر الإجراءات الكفيلة بمنع الإختلاط و النظر .
فعن أبي أسيد الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – ينهى عما رأى – (( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق )) فالمرأة لا تمشي في الوسط ، تمشي في الجوانب ، و الرجال يمشون في الوسط ، هكذا كانت الشوارع في المجتمع الإسلامي الأول ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار ، حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به ، رواه أبو داود و هو حديث صحيح .
و عن أم سلمة رضي الله عنها أن النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن مباشرة ،
و ثبت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و من صلى من الرجال ما شاء الله – فترة كافية لخروج النساء – فإذا قام رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قام الرجال . قال الحافظ رحمه الله : و في الحديث الإحتياط فيما يفضي إلى المحضور ، و فيه اجتناب مواضع التهم ، و كراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( لو تركنا هذا الباب للنساء )) – باب في المسجد مخصص للنساء و إلى الآن اسمه باب النساء – قال نافع : و لم يدخل ابن عمر منه حتى مات ، حتى مات ما دخل من هذا الباب .
هذه الإجراءات و غيرها لأجل درأ فتنة النساء ،
عائشة رضي الله عنها بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم بفترة قالت : لو أدرك رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أحدث النساء – يعنى ما أحدثنا بعده – لمنعن كما منعت نساء بني إسرائيل .
و ماذا أحدث النساء في عهد عائشة و هي تقول لو رأى النبي صلى الله عليه و سلم الوضع لمنعهن من المساجد و الخروج ،
فلو رأت عائشة و لو رأى رسول الله عليه و سلم و ضعنا اليوم ، ماذا تراه يقول و ماذا تراه يفعل . عباد الله ، إن الأمر خطير و الله و إن الخطب جلل و إن الفساد في انتشار بسبب فتنة النساء ،
و في هذا الزمان الذي لم يمر في العالم زمان مثله زينت فيه المرأة لفتنة الرجال ، و اجتهد فيه أعداء الله في إبراز المرأة ،
فترى عوامل الجذب و الفتنة في الملابس الضيقة و المفتوحة و الشفافة و الكعب العالي و المناكير على الأظفار و رائحة العطور و الصوت و الأزياء الفاضحة ، و حتى النقاب الذي تلبسه بعض النساء و البرقع اليوم ربما يكون أشد فتنة مما لو كشفت و جهها بالكلية ، و الأفلام ، و القصص الماجنة ، و المجلات ، و الدعايات ، لا تكاد توجد سلعة إلا و معها صورة إمرأة و لا بد ، و عروض الأزياء ، و كل ذلك يزين المرأة في نظر الرجال ، حتى إذا نزلت إلى الشارع و السوق رأيت العجب ، و هذه المساحيق و المكياجات التي تجعل ، أشد النساء ذمامة لوحة فنية من الأصباغ و ما تفعلة الكوافيرات في وجوه النساء . ثم تحدث الفتنة العظيمة و تخرج المرأة بهذه الزينة و تجتمع كل عوامل الإغراء ، كل العوامل ، فلا تدخل دكانا و لا سوقا ، أو باب مدرسة ، أو مستفشى ، أو طائرة ، أو غير ذلك من الأماكن ، إلا و وجدت القضية كلها تدور على الإغواء والإغراء بالمرأة ،
و لا تكاد تنظر في الصفحة الخارجية لمجلة أو غيرها إلا و تجد القضية نفسها تدور . إخوان القردة و الخنازير ، الذين وصلوا بالمرأة إلى ما وصلوا إليه ، و عمت الفتنة ، و ثارت الشهوات ، و صار الوضع محزنا لصاحب القلب الحي .
لمثل هذا يموت القلب من كمد **** إن كان في القلب إسلام و إيمان
عباد الله ... المسألة كلها مخالفات شرعية ، في قضية هذه الأشياء و الإغراءات التي تحصل ، و تأمل ماذا أحدثه هذا الهاتف من الفتنة ، في بدأ العلاقة و تطويرها و تنميتها و التخطيط للخروج ثم الخروج ،
و تأمل كيف يزين الشيطان الحيل بحجة خروجها إلى السوق ، أو الدراسة مع صاحبتها ، أو زيارة صاحبتها ، و أثناء غياب الزوج في العمل ، أو الوردية الليلية ، و أيام الاختبارات التي نحن مقبولون عليها بالدات سيحدث فساد عظيم و شر مستطير ، و أيام البر و تتخلف الأسرة هناك ،
و الشاب هنا لوحده ،
و هذه أشياء نحن مقبلون عليها . كل هذه الأمور التي تؤدي إلى الفتنة و الوقوع في الفاحشة ، و المسألة فيها غضب ، غضب من الله ، و إغضاب لله ، و كل القضية تدور على مخالفة الآيات الشرعية ، تأمل في الوقع ثم قارن (( و لا يبدين زينتهن)) تأمل ثم قارن بقوله (( و إذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم و قلوبهن )) ، و تأمل و قارن بقوله (( و لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض و قلن قولا معروفا )) ، فكيف تستهل البنت الحديث في الهاتف ، (( و لا تخضعن في القول في قلبه مرض و قلن قولا معروفا )) ، و قارن بقوله تعالى (( و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) ، و قارن بقوله تعالى (( و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن )) ، المسالة كانت على الخلخال ،
و الآن تفتح العباءة و تلبس عدة مرات لتصلح من هندامها بزعمها ، و هي في وسط الرجال ، و قارن بقول النبي صلى الله عليه و سلم (( أن المرأة إذا استطعرت فخرجت فمرت بالمجلس فهي كذا و كذا )) يعنى زانية . فإذا ، المسألة تحتاج في زماننا هذا ، إلى صبر عظيم ،
و لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم مجانبا للصواب أبدا و لا مبالغا عندما قال إن أخشى ما يخشى على هذه الأمة هو فتنة النساء ،
و الذي يتتبع الأخبار يعرف يا عباد الله ، و ليس المجال مجال التفصيل ،
و لا تعميم الحال ، فهناك صلاح و الحمد لله ، و هناك خير ، و لكن لا بد من أن نضع الضوابط و أن نلزم أنفسنا بأحكام الشريعة ،
فإن قال قائل و ما هي الإجراءات التي تحمي الرجل من فتنة النساء ؟؟
فأقول أولا ً : يا عباد الله قال عليه الصلاة و السلام : (( لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى و ليس لك الآخرة )) .
و عن جرير بن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري.
و لما رأى الفضل ينظر إلى امرأة وضيأة صرف وجهه إلى الشق الآخر .
فإذا مسألة غظ البصر هي أساس العلاج ، لأن المسألة في أولها ، و هو أهون شيء النظر ، أهو شيء في البداية النظر .
قال العلاء بن زياد : لا تتبع بصرك رداء امرأة ، فإن النظرة تجعل في القلب شهوة .
و قال أحد الصالحين لابنه : يا بني امشي وراء الأسد و الحية و الثعبان ، امشي وراء الأسود و الأسود و لا تمشي وراء امرأة .
نظر الرجل إلى محاسن امرأة سهم مسموم من سهام إبليس ،
و السهم المسموم إذا دخل السم ينتشر .
إياكم و النظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة ، و كفى بها لصاحبها فتنة ، تزرع الشهوة في القلب .
و كان السلف رحمهم الله ، في غاية الحرص على هذه المسألة ، قال سفيان : كان الربيع بن خيثم يغض بصره ، فمر به نسوة ، فأطرق إطراقا شديدا ، حتى ظن النسوة أنه أعمى ، فتعوذن بالله من العمى .
و خرج حسان إلى العيد ، فقيل له لما رجع : يا أبا عبد الله ما رأينا عيدا أكثر نساء منه ، فقال : ما تلقتني امرأة حتى رجعت .
و هو حسان بن أبي سنان ، لما خرج إلى العيد و رجع قالت له امرأته : كم من امرأة حسنة قد نظرت اليوم ، فلما أكثرت عليه قال : ويحك ، ويحك ، ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك .
و كانوا يحاربون النظر و يعتبرونه منكرا شديدا ، و ينهرون فاعله .
عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : دخل عبد الله بن مسعود على مريض يعوده و معه قوم و في البيت امرأة ، فجعل رجل من القوم ينظر إلى المرأة ، فقال عبد الله رضي الله عنه : لو انفقأت عينك كان خيرا لك . لو انفقأت عينك و صارت مصيبة و احتسبت عند الله كان خيرا لك من النظر و استعمال البصر بالمعصية .
ثم إنه إذا كرره حصل في القلب زرع الفتنة و ذلك أمر يصعب قلعه ، و لذلك لا بد من الحمية بسد باب النظر ، فإنه إذا سده ، سهل بعد ذلك انحسار الأمر .
عباد الله .... هذه القضية لا يكاد يطبقها اليوم إلا من رحم الله ،
غض البصر عن النساء . و في معنى النظر وصف المرأة ، حتى كأنه ينظر إليها ، فلذلك نهينا عنه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها )) و هذا أصل في سد الذرائع ،
و أن وصف المرأة للرجل الأجنبي عنها يؤدي إلى الإفتتان بالموصوفة .
ثانيا ً : أن الإنسان إذا رأى امرأة فأعجبته ، فإن كان له امرأة أو مملوكة أتاها مباشرة ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( إن المرأة تقبل في صورة شيطان ، و تدبر في صورة شيطان ، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأتي أهله ، فإن ذلك يرد ما في نفسه )).
و أما الأعزب ، فإنه يستعين بالصبر و الصلاة و الصيام الذي هو من أسباب تقليل الشهوة . و قال صلى الله عليه و سلم : (( إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فاليعمد إلى امرأته فليواقعها ، فإن ذلك يرد ما في نفسه )) لأن الذي معها مثل الذي معها ، كما قال صلى الله عليه و سلم فيسكن نفسه و يدفع شهوته ، و في هذا بيان عظيم ، و إرشاد كبير إلى قضية العلاج لمثل ما يقع للرجال في هذه المسألة .
ثم إن من الأمور المهمة أن الإنسان لا يغشى أماكن الفتنة ، و لا يغشى أماكن الخلوة ، ثم بعد ذلك يقول لم أصبر ، بل إنه يتمنى عند الحرام ، و لذلك لما دعت امرأة العزيز يوسف قال إني أخاف الله ، قال أعوذ بالله ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم (( و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال إني أخاف الله رب العالمين )) ، مع أنها امرأة ذات منصب و جمال ، و أين يجتمع هذا ، و مع ذلك يقول إني أخاف الله رب العالمين . ث
م – إنه ينبغي للرجل – من العلاجات أيضا ،
أنها إذا تعرضت له ، و كثير من النساء اليوم هي التي تتعرض للرجل ، و ربما تكون هي التي اتصلت ، و هي التي تأتي بالإشارات و الحركات الداعية ،
فماذا يفعل ؟؟
افعل كما فعل جريد رحمه ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم أخبرنا لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ، و منهم ذلك العابد ، تكلم الصبي من أجله ، كانت امرأة بغي يتمثل بحسنها ، فقالت : إن شئتم – تقول لبني إسرائيل – لأفتتن هذا العابد الزاهد .
فتعرضت له فلم يلتفت إليها – هذا هو المهم هو هو لب الموضوع الآن –
فأتت راعيا كان يأوي إلى صنعته ، فأمكنته من نفسها فحملت ، الحديث فيه كيف خلص الله جريدا ً بسبب صبره .
الشاهد قوله فلم يلتفت إليها .
فمن الذي لا يلتفت اليوم ؟؟
الذي رحمه الله و أراد به خيرا ً . ثم ، لا بد من التأمل في مسألة الفاحشة ، فإن الشيطان كتابه الوشم ، و قرانه الشعر ، و رسله الكهنة ، و طعامه ما لم يذكر اسم الله عليه ، و شرابه كل مسكر ، و بيته الحمام ، و مصائبه النساء ، و مؤذنه المزمار ، و مسجده السوق ،
و كل هذه الأشياء مع بعضها البعض تؤدي للفتنة العظيمة ، و الزنى من أعظم الذنوب و الفواحش ، و بعضه أشد من بعض ،
فمن أفحشه الزنى بالمحارم ،
و من أفحشه الرجل يزني بزوجة الرجل أي المتزوجة ، مما يؤدي إلى اختلاط المياه و الأنساب ،
و من أفحشه أن تكون المرأة المزني بها جارة ، و لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني الرجل بامرأة جاره .
النبي صلى الله عليه و سلم أخبرنا عن عقوبة الزناة و الزواني في البرزخ قبل دخول جهنم ، في تنور – في فرن – يأتيهم اللهب من أسفل منهم فيرتفعون ، فيصيحون ، فإذا خمد اللهب ، سقطوا ، ثم يأتيهم مرة أخرى فيرتفعون ، حتى يكاد أن يخرجوا ، و هكذا إلى قيام الساعة ، هذا عقاب الزناة و الزواني في البرزخ يا عباد الله .
و حكى النبي صلى الله عليه و سلم عن أشخاص كادوا أن يقعوا في الفاحشة ، و ربما أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة ، فماذا يفعل الشخص حينئذ ،
قال الثاني : اللهم إنه كانت لي ابنة عم ، أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فطلبت إليها نفسها ، فأبت حتى أتيتها بمائة دينار ،
فسعيت حتى جمعت مائة دينار ، فلقيتها بها ، فلما قعدت بين رجليها ، قالت يا عبد الله اتق الله و لا تفتح الخاتم إلا بحقه – و الحق هو عقد الزواج الشرعي – فقمت عنها و هي أحب الناس إلي .
إذا يمكن ، يمكن للإنسان لو أنه ساقته نفسه و الشيطان و المرأة على الفاحشة ، أنه في اللحظة الأخيرة يذكر الله تعالى فيقوم ، يمكن .
إذا هذه من النظرة إلى اللحظة الأخيرة إجراءات شرعية لأجل الوقاية من فتنة النساء ، و هي المسألة العظيمة في عصرنا يا عباد الله , و الله إني ما قرأت هذا الموضوع ، إلا لأجل رؤية ذلك عيانا ً بيانا ً ، و التمعن في أمراضنا ، التمعن في مشكلاتنا ، إذا تمعنت معي وجدت فعلا ً أن من أشنع الأشياء فتنة النساء .
و تعلم فعلا يا عبد الله ،
يا أيها الأخ المسلم ،
أن القضية بحاجة شديدة إلى مصابرة و مجاهدة ، و بعض الناس يقولون لا تلوموا الشباب و لوموا الفتيات ،
كيف ذلك !!
اللوم على الجميع أيها الأخوة ، اللوم على الفتاة التي تبرجت ،
و على الشاب الذي استجاب ، و على وليهما الذي لم يربي هذا و لم يمنع تلك من الخروج ،
و على الذي يضع العراقيل في طريق الزواج بحجج واهية ، و يغلي المهور ، و يقول بنتنا ليست بأقل من بنت فلانة ، أو يضع العراقيل الواهية باسم القبلية و الموازين التافهة الدنيوية ، و يرد هذا ، و هذه بنتنا تريد الدراسة ، و نحو ذلك ، اللوم على الجميع ، ليس أحد بمستثنى .
نسأل الله أن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ،
و نسأله عز وجل أن يقينا كل هذه الشرور ، و أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ، و أفسحوا يفسح الله لكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله ... الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة و لا ولدا ، هو الحي القيوم ، هو الحي لا يموت و الإنس و الجن يموتون ، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، و هو على كل شيء قدير ، و أشهد أن محمدا ً رسول الله ، و عبده و مصطفاه ، و خاتم أنبياءه و رسله صلى الله عليه و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين ، و على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
عباد الله ... تعالوا بنا الآن في رحلة أخرى ، تختلف عن هذه الدنيا تماما ، تعالوا بنا في رحلة ، تنسينا بالكلية فتنة نساء هذا الكوكب ، فإن من علاج القضية أن يتمعن الإنسان فيما أعد الله لمن يصبر من الأجر ، فإن من شرب الخمر في الدنيا و لم يتب لا يشربها يوم القيامة ، و من لبس الحرير من الذكور و لم يتب لا يلبسه يوم القيامة ، فالذي يزني في الدنيا و لا يتوب ،
فماذا يكون الموقف يوم القيامة ، ومن أي شيء يحرم ، و ما هي عاقبة الذين يقدرون على هذا العذاب ، و أقول العذاب فعلا ، من شدة الفتنة و لأوائها في هذا الزمان ،
هل الذي يصبر و يقول له أصحابه أنت مجنون ، أنت معقد ، أنت تحرم نفسك ، هل هذا الذي يصبر ،
سيلاقي شيئا أم لا !!
و إن سألت عن عرائسها و أزواجهم فهن الكواعب الأتراب ، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب ، تجري الشمس في محاسن وجهها إذا برزت ، و يضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت ، إذا قابلت حبها فقل ما تشاء ، في تقابل النيرين ، و إذا حادثته فما ظنك بمحادثة المحبين ، و إن ظمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين ، لو طلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض و السماء ريحا ، و لاستنطقت أفواه الخلائق تهليلا و تكبيرا و تسبيحا ، و لقد زخرف لها ما بين الخافقين ، و لأغمضت عن غيرها كل عين ، و لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم ، و لآمن من على ظهرها بالحي القيوم ، و نصيفها على رأسها خير من الدنيا و ما فيها ، و وصالها أشهى إليه من جميع أمانيها ، لا تزداد على طول الأحقاب إلى حسنا و جمالا ً ، و لا يزداد لها طول المدى إلا محبة و وصالا ، مبرأة من الحبل و الولادة و الحيض والنفاس ، مطهرة من المخاط و البصاق و البول و الغائط و سائر الأدناس ، لا يفنى شبابها ، و لا تبلى ثيابها ، و لا يخلق ثوب جمالها ، و لا يمل طيب وصالها ، قد قصرت طرفها على زوجها ، فلا تطمح لأحد سواه ، و قصر طرفه عليها ، فهي غاية أمنيته و هواه ، و إن سألت عن السن ، فأتراب في أعدل سن الشباب ، و إن سألت عن حسن الخلق ، فهن الخيرات الحسان ، اللاتي جمع لهن بين الحسن و الإحسان ، و إن سألت عن حسن العشرة ، و لذة ما هنالك ، فهن العرب المتحببات إلى الأزواج بلطافة التبعل ، التي تمتزج بالروح أيما امتزاج ، فما ظنك بامرأة ، إذا ضحكت في وجه زوجها ، أضاءت الجنة من ضحكها ، و إذا حاضرت زوجها ، فيا حسن محاضرتها ، و إن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة و المخاصرة ، و إن غنت ، فيا لذة الأبصار و الأسماع ، و إن آنست و أمتعت ، فيا حبذا تلك المؤانسة و الإمتاع (( إنا أنشأناهن إنشاء ، فجعلناهن أبكارا ، عربا أترابا )) ، فتصبلوا المرأة في الدنيا الصالحة ، تلك المرأة من الحور العين ، بصلاتها و صيامها ، و يجعلها الله تعالى من العرب ، و هي التي جمعت إلى حلاوة الصورة حسن التأني و التبعل ، و التحبب إلى الزوج ، و العرب من النساء ، المطيعة لزوجها ، العاشقة له ، المتحببة إليه ، أبكارا ، ذلك من فضل وطأ البكر على الثيب ، فجعلهن الله أبكارا ، و لو كانت في الدنيا ثيبة ، و قال الله تعالى عن الحور العين (( لم يطمثهن إنس قبلهم و لا جان )) فلم يطأهن و لم يغشهن إنس و لا جان من قبل ، ((كأنهن الياقوت و المرجان )) بالياقوت في صفاءه ، و بالمرجان لبياضه ، فجمعن بين هذا البياض و الصفاء ، و قال أبو هريرة : ألم يقل أبو القاسم إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر و التي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء الحم ، و ما في الجنة أعجب .
و قال صلى الله عليه و سلم : (( و لو اطلعت أمرأة من نساء الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا و أضاءت ما بينهما و لنصيفها على رأسها خير من الدنيا و ما فيها ))
هذا قدر الخمار فما بالك بقدر اللابسة ...
هذا قدر الخمار فما بالك بقدر اللابسة ،
أزواج مطهرة ، لا حيض و لا نفاس و لا سوائل و لا صفرة و لا كدرة و لا عرق و لا بصاق و لا مخاط
. عباد الله ... عباد الله هذه النساء الحسان ، يغنين لأزواجهن ، قال الله عن المؤمنين (( في روضات يحبرون )) يحبرون يعني يسمعون الغناء . قال صلى الله عليه و سلم : (( إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط إن مما يغنين نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرن بقرة أعيان )) و إن مما يغنين به نحن الخالدات فلا يمتن نحن الآمنات فلا يخفن نحن المقيمات فلا يضعن يقلن نحن الحور الحسان خبأن لأزواج كرام
و هكذا يتقلب المرأ من أهل الجنة ، يتقلب المرأ بين زوجاته ، و هو في هذه الخيمة من اللؤلؤة المجوفة ، سبعون ميلا في كل زاوية له أهل لا يراهم الآخرون ، لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا ،
إنها مشتاقة إليه من الآن ،
إنها تعلم عنه الآن ،
الآن هي تعلم عنه من نساءه في الجنة ، إنها تعلم عنه ، و قد أخبر علي رضي الله عنه في الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع : أنه إذا دخل الجنة خف إليه الغلمان فتحلقوا حوله خدمه و حشمه ، يستقبلونه ، يذهب واحد منهم مسرعا ، إلى بيته ، فيخبر تلك الحورية ، بأن زوجها على وشك الوصول ، فلا تصبر حتى تخرج إلى أسقفة الباب لتستقبله ، فإنه استقبال عظيم يومئذ ، يعطى الرجل قوة مئة في الجماع ، و يصل إلى نساءه في الجنة ، و تهب ريح الشمال كما جاء في صحيح مسلم يوم الجمعة فتحثوا في وجوههم و ثيابهم ، فيزدادون حسنا و جمالا ، فيرجعون إلى أهليهم ، و قد ازدادوا حسنا و جمالا ، فيقول لهم أهلوهم و الله لقد ازددتم بعدنا حسنا و جمالا ، فيقولون و أنتم و الله لقد ازددتم بعدنا حسنا و جمالا .
فأين هذا يا عبد الله من لذة ساعة شر إلى قيام الساعة ،
فإذا قامت الساعة ،
كان ذلك أشد و أنكى ،
أين هذا يا عبد الله ،
هذه الصفات للحور العين ،
من هؤلاء النساء ، مهما تجملت ، فغالب زينتها المكياج الزائف ، و مهما كانت جميلة فانظر إليها بعد سنين ، فإنها تكون في غاية القبح و الذمامة ، و تصبح عجوزا شوهاء ، و مع ذلك فإن الإستمتاع بها مكدر في حيضها و دمها و طمثها و إفرازاتها ، وسائر الأشياء المقرفة ، التي تخرج منها ، أين هذا من هؤلاء الأزواج المطهرة ،
فمن صبر هنا كان له هذا هناك ، و من لم يصبر هنا فيا سوء ذلك الحرمان ، نعوذ بالله من الخذلان .
اللهم إنا نسألك الفوز بالجنان ، و العتق من النيران اللهم هب لنا من زوجاتنا قرة أعين ،
و اجعلن للمتقين إماما . اللهم طهر قلوبنا ،
و حصن فروجنا يا أرحم الراحمين .
يا رب العالمين باعد بيننا و بين الفتن ،
ما ظهر منها و ما بطن . ارزقنا العفة و العفاف ، والأمن و الإيمان .
اللهم انشر الأمن و الإيمان في بلدنا هذا و سائر بلاد المسلمين .
اللهم آمنا في الأوطان و الدور و أرشد الأئمة و ولاة الأمور .
و اغفر لنا يا عزيز يا غفور ، إنك أنت أرحم الراحمين .
[....]