يعيش الشباب الأردني هذه الأيام مشكلة حقيقة، تتمثل في صعوبة الزواج وهي المشكلة التي تؤرق بال الكثيرين، وأصبحت الشغل الشاغل والهم الأول والأخير حتى بات الدخول في عالم (القفص الذهبي) الآن حلماً صعب المنال. ويكاد الشباب الأردني يفقد عقله ويجن جنونه، وكلما تقدم شاب يطلب يد الفتاة التي يرغب في الارتباط بها، تطفو على السطح مشكلة غلاء المهور والتي تفرضها عائلة الفتاة، والأمر لا يقتصر على غلاء المهور العالي جدا،ً بل يصل لأكثر من ذلك كالتوابع الأخرى مثل الشقة الفارهة ذات المواصفات العصرية الحديثة، السيارة، الدخل الشهري ألا يقل عن 300 دينار، إقامة حفلة الزفاف في صالة أو فندق خمس نجوم، ثم تجهيز شقيقات العروس بالملابس والمجوهرات التقليدية و.. الخ. * سلبيات خطيرة ونتيجة لهذا أحجم الشباب وعزف عن الزواج ففضل البعض إكمال دراسته أو العمل أو السفر على زواج مرتفع التكاليف، في حين تزوج البعض الآخر من فتيات أجنبيات نظراً لانخفاض كلفة هذا الزواج ومن هنا أتت المشكلة. فارتفاع معدلات المعيشة في الأردن وتردي الأوضاع الاقتصادية انعكس بشكل سلبي على الشباب فزادت العنوسة بين الجنسين وبأعداد كبيرة. وتشير الأرقام إلى ارتفاع سن زواج الذكور من 20-25 إلى 27-30 عاماً وارتفاع السن للإناث من 16-20 إلى 22-28، وهذا مؤشر خطير بدأ يضرب جذوره في أعماق تربة المجتمع الأردني. * الزوجة العاملة ويفضل معظم الذكور من المقبلين على الزواج الارتباط بفتيات عاملات، وذلك لتأمين المتطلبات المعيشية للأسرة آخذين بالقول (يد واحدة لا تصفق) وأصبح من البديهي أن يكون أغلب المتزوجات من العاملات. ولكن الأمر أنعكس على حياة الأسرة التي تفككت الروابط العائلية فيما بينها وفقد الأطفال رعاية الأب وحنان الأم وأصبح الإهمال في الواجبات المنزلية أحد ضرائب هذا الزواج الذي دخل في دوامة ممتلئة بالمشاكل تارة وبالأعباء المنزلية تارة أخرى. * والطلاق يزداد وإذا كان الزواج هو المشكلة الرئيسية التي تواجه المجتمع الأردني، فإن الطلاق يشكل الطرف الآخر لهذه المعادلة فقد ارتفعت نسبة الطلاق في الأعوام العشرة الماضية بنسبة 41% حسب آخر إحصائية قامت بها دائرة الإحصائيات العامة وتتركز نسبة الطلاق في محافظات عمان والزرقاء وإربد وهي الأكثر اكتظاظاً بالسكان. وقد فرخت مشكلة الطلاق العديد من المشاكل الأسرية، حيث باتت النظرة إلى المرأة المطلقة مختلفة و ظالمة لها، وهذه عقوبة في حد ذاتها، ثم تشرد الأطفال الذين يجدون أنفسهم في منزل يخلو من الوالدين في حين يبقى الرجل هو المنتصر الوحيد في هذه المعركة الغير متكافئة، فبعد أن تنتهي إجراءات الطلاق يبدأ بالبحث مجدداً عن زوجة جديدة، وتدفع المرأة وأطفالها الثمن غالياً. * جرائم الشرف لذلك انتشرت ظاهرة خطيرة في أوساط الطلبة الجامعيين، وتمثلت في الزواج العرفي الذي يتم بدون عقد شرعي ودون علم الأهل، وهذا ما أوقع بالكثير من الفتيات إلى هاوية المشاكل، فكثرت جرائم الشرف جراء هذا الزواج الغير شرعي. * الزواج الخيري ويقف الجميع في عمان مكتوفي الأيدي إزاء مشكلة الزواج بما فيهم الحكومة التي لم تحرك ساكنا،ً فنابت عنها بذلك جمعية العفاف الخيرية التي دأبت على إجراء حفلات زفاف جماعية لأكثر من 75 شاباً وفتاة تتم في مواكب جماعية، وقد لاقت هذه الفكرة قبولا وارتياحاً في أوساط الشباب الذين أقبلوا عليها دونما تردد وسط تشجيع أهالي العروسين والأقارب والمعارف. والشيء الملفت في هذا الزواج هو أن هناك عدداً لا بأس به من الميسورين والقادرين على إجراء حفلات زفاف خاصة بهم يتزوجون بهذه الطريقة تشجيعاً لغير المقتدرين. ولما شعر العديد من الأهالي بخطورة الوضع القائم، بدأ بعضهم في تخفيض قيمة المهور وتيسير سبل الزواج في محاولة لتخفيف من حدة الظاهرة، ولكن البعض منهم لا يزال مصراً على موقفه في غلاء المهور، وتبقي الفتاة هي الضحية الوحيدة، والتي تقضي بقية عمرها حبيسة في غرفة ذات جدران أربعة، أو تتزوج فيما بعد من رجل يكبرها بنصف عمرها على أقل معدل